تزامنا مع الهالوين، هل فكرت يوما في أكثر شيء إثارة للرعب في الكون؟ إنها الثقوب السوداء، وهى مناطق في الفضاء تكون فيها الجاذبية قوية جدًا بحيث لا يمكن لأي شيء الهروب حتى الضوء، ولعل الثقوب السوداء مخيفة جدا لثلاثة أسباب، وهى ببساطة أنه إذا سقطت في ثقب أسود ستتمزق، كما أن الثقوب السوداء الضخمة التي توجد في مركز المجرات لها شهية لا تشبع، وأخيرا فإن هذه الثقوب هى أماكن تمحى فيها قوانين الفيزياء.
وفقا لما ذكره موقع "space" الأمريكي، فإن الثقوب السوداء الهائلة التي تكمن في مركز المجرات، تكون في معظم الأوقات غير نشطة، ولكن عندما تكون نشطة وتأكل النجوم والغازات، يمكن للمنطقة القريبة من الثقب الأسود أن تتفوق على المجرة التي تستضيفها بأكملها، وتسمى المجرات التي تنشط فيها الثقوب السوداء بالكوازارات.
من المتوقع أن تتشكل الثقوب السوداء عندما يموت نجم ضخم، بعد استنفاد الوقود النووي للنجم، ينهار لبه إلى الحالة الأكثر كثافة للمادة التي يمكن تخيلها، وهي أكثر كثافة بمئة مرة من نواة الذرة، وهذا كثيف لدرجة أن البروتونات والنيوترونات والإلكترونات لم تعد جسيمات منفصلة.
كما أنه نظرًا لأن الثقوب السوداء مظلمة، يتم العثور عليها عندما تدور حول نجم عادي، تسمح خصائص النجم الطبيعي لعلماء الفلك باستنتاج خصائص رفيقه المظلم "الثقب الأسود".
وتعد الثقوب السوداء بمثابة مقابر للمادة، فلا شيء يستطيع الهروب منها، ولا حتى الضوء، كما أن إن مصير أي شخص يسقط في الثقب الأسود سيكون التمزق، وهي فكرة روج لها ستيفن هوكينج في كتابه "نبذة تاريخية عن الزمن"، حيث إن الجاذبية الشديدة للثقب الأسود ستفصل بين عظامك وعضلاتك وأوتارك وحتى الجزيئات.
أظهرت الملاحظات باستخدام تلسكوب هابل الفضائي أن جميع المجرات بها ثقوب سوداء في مراكزها، على مدى الثلاثين عامًا الماضية، كما أن المجرات الأكبر لها ثقوب سوداء أكبر.
تعرف الطبيعة كيف تصنع ثقوبًا سوداء على نطاق مذهل من الكتل، بدءًا من بقايا النجوم التي تزيد كتلتها عن كتلة الشمس ببضع مرات إلى الوحوش التي تبلغ كتلتها عشرات المليارات من المرات.
نشر علماء الفلك أول صورة على الإطلاق لثقب أسود وأفق الحدث العام الماضى، وهو وحش كتلته 7 مليارات كتلة شمسية في مركز المجرة البيضاوية M87، هو أكبر بأكثر من ألف مرة من الثقب الأسود في مجرتنا، والذي حصل مكتشفوه على جائزة نوبل لهذا العام.
تكون هذه الثقوب السوداء مظلمة في معظم الأوقات، ولكن عندما تسحب جاذبيتها النجوم والغازات القريبة، فإنها تندلع في نشاط مكثف وتضخ كمية هائلة من الإشعاع.
ولعل الثقوب السوداء الهائلة خطيرة من ناحيتين، وهي إذا اقتربت أكثر من اللازم، فإن الجاذبية الهائلة ستجذبك إلى الداخل، وإذا كانت في طور الكوازار النشط، فستتعرض للإشعاع عالي الطاقة.
هل تعلم أن أكبر ثقب أسود تم اكتشافه حتى الآن يزن 40 مليار ضعف كتلة الشمس، أو 20 ضعف حجم النظام الشمسي، وفي حين أن الكواكب الخارجية في مدار نظامنا الشمسي تدور مرة واحدة كل 250 عامًا، فإن هذا الجسم الضخم يدور مرة كل ثلاثة أشهر.
لا يمكن فهم الجزء الداخلي من الثقب الأسود، لأن قوانين الفيزياء تتعطل، ويتجمد الوقت عند أفق الحدث وتصبح الجاذبية لانهائية عند نقطة التفرد.
ولكن الخبر السار حول الثقوب السوداء الضخمة هو أنه يمكنك البقاء على قيد الحياة عند الوقوع في ثقب واحد، على الرغم من أن جاذبيتها أقوى، إلا أن قوة التمدد أضعف من قوة الثقب الأسود الصغير ولن تقتلك.
ولكن النبأ السيئ هو أن أفق الحدث يمثل حافة الهاوية، فلا شيء يمكن أن يهرب من داخل أفق الحدث، لذلك لا يمكنك الهروب أو الإبلاغ عن تجربتك.
وفقًا لستيفن هوكينج، فإن الثقوب السوداء تتبخر ببطء، ففي المستقبل البعيد للكون، وبعد فترة طويلة من موت جميع النجوم والتوسع الكوني المتسارع، ستكون الثقوب السوداء هي آخر الأشياء الباقية.
ستستغرق الثقوب السوداء الأكثر ضخامة عددًا لا يمكن تصوره من السنوات لتتبخر، فالأشياء الأكثر رعبا في الكون تكاد تكون أبدية.